سورة البقرة - تفسير نيل المرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


الآية السابعة عشرة:
{وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}.
لا خلاف بين أهل العلم أن القتال كان ممنوعا قبل الهجرة لقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} [المائدة: 13]، وقوله: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (10)} [المزمل: 10]، وقوله: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)} [الغاشية: 22]، وقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: 96]، ونحو ذلك مما أنزل بمكة. فلما هاجر إلى المدينة أمره اللّه سبحانه بالقتال ونزلت هذه الآية، وقيل: إن أول ما نزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39] فلما نزلت الآية كان صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقاتل من قاتله ويكفّ عمن كفّ عنه حتى نزل قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، وقوله تعالى: {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36]. قيل: إنه نسخ بها سبعون آية.
وقال جماعة من السلف: إن المراد بقوله: {الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ} من عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم، وجعلوا هذه الآية محكمة غير منسوخة.
والمراد بالاعتداء- عند أهل القول الأول- هو: مقاتلة من لم يقاتل من الطوائف الكفرية، والمراد به- على القول الثاني- مجاوزة قتل من يستحق القتل إلى قتل من لا يستحقه.


الآيتان الثامنة والتاسعة عشرة:
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)}.
قال ابن جرير: الخطاب للمهاجرين، والضمير لكفار قريش. انتهى.
وقد امتثل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أمر ربه فأخرج من مكة من لم يسلم عند أن فتحها اللّه عليه. وفي معنى الفتنة والمراد بها أقوال: والظاهر أن المراد الفتنة في الدين بأي سبب كان وعلى أي صورة اتفق فإنها أشد من القتل.
واختلف أهل العلم في قوله: {وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} فذهبت طائفة إلى أنها محكمة وأنه لا يجوز القتال في الحرم إلا بعد أن يتعدى متعد بالقتال فيه فإنه يجوز دفعه بالمقاتلة، وهذا هو الحق.
وقالت طائفة: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] ويجاب عن هذا الاستدلال بأن الجمع هنا ممكن ببناء العام على الخاص: فيقتل المشرك حيث وجد إلا بالحرم. ومما يؤيد ذلك قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «إنها لم تحلّ لأحد قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار»، وهو في الصحيح.
وقد احتج القائلون بالنسخ بقتله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ويجاب عنه بأنه وقع في تلك الساعة التي أحل اللّه لرسوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم {فَإِنِ انْتَهَوْا} عن قتالكم ودخلوا في الإسلام.


الآية الموفية العشرين:
{وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}.
فيه الأمر بمقاتلة المشركين ولو في الحرم وإن لم يبتدءوكم بالقتال فيه إلى غاية هي أن لا تكون فتنة وأن يكون الدين للّه: وهو الدخول في الإسلام والخروج عن سائر الأديان المخالفة له. فمن دخل الإسلام وأقلع عن الشرك لم يحل قتاله.
قيل المراد بالفتنة هنا: الشرك، والظاهر أنها الفتنة في الدين- على عمومها- كما سلف.
والمراد لا تعتدوا إلا على من ظلم وهو من لم ينته عن الفتنة ولم يدخل في الإسلام. وإنما سمى جزاء الظالمين عدوانا مشاكلة كقوله تعالى: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} [الشورى: 40]، وقوله: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194].

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9