الآية السابعة عشرة:{وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}.لا خلاف بين أهل العلم أن القتال كان ممنوعا قبل الهجرة لقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} [المائدة: 13]، وقوله: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (10)} [المزمل: 10]، وقوله: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)} [الغاشية: 22]، وقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون: 96]، ونحو ذلك مما أنزل بمكة. فلما هاجر إلى المدينة أمره اللّه سبحانه بالقتال ونزلت هذه الآية، وقيل: إن أول ما نزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39] فلما نزلت الآية كان صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقاتل من قاتله ويكفّ عمن كفّ عنه حتى نزل قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، وقوله تعالى: {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36]. قيل: إنه نسخ بها سبعون آية.وقال جماعة من السلف: إن المراد بقوله: {الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ} من عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم، وجعلوا هذه الآية محكمة غير منسوخة.والمراد بالاعتداء- عند أهل القول الأول- هو: مقاتلة من لم يقاتل من الطوائف الكفرية، والمراد به- على القول الثاني- مجاوزة قتل من يستحق القتل إلى قتل من لا يستحقه.